Admin
الاداره العامه
المساهمات : 1902 تاريخ التسجيل : 08/07/2014 العمر : 25 الموقع : https://global.hooxs.com
| موضوع: الغائبُ...الحَاضر! السبت أغسطس 01, 2015 4:09 pm | |
| -إلى الرَّاحل الكبير سميح القاسم- "ثمَّةَ غيابٌ كالحُضور، وثمَّةَ حُضُورٌ أقلُّ من الغياب" -أصيل العكَّاوي- ***** هكذا يعلولي العمالقةُ سيرةً من زيزفون وبيلسان، هكذا يرحلونَ كالأُرجوان، وينامونَ في آخرِ المِشوارِ كالأُقحوان، ويتركونَ خلفَهم منابتَ الأنوارِ، وإرثاً من سِفرِ شقائقِ النُّعمان...!. هكذا يصَّاعدُ الشُّعراءُ وأولو الحرفِ المُغمَّسِ بالدَّم، يَهجُرونَ المواقيتَ الخُلَّبيَّةَ إلى مراقي الشُّموس، يَهجرونَ الزَّمنَ الغثَّ إلى أفياءِ السِّدرةِ والأرائك، ويحلمونَ بعودةِ جلجامشَ إلى حِضْنِ الأرضِ المُقدَّسة، ويحلمونَ مرَّةً خامسةً، بالمَزارِ والرَّامةِ، عائدتينِ إلى أبجديَّةِ النَّخيلِ والياسمينِ الدِّمشقي...!. ***** كانَ قامةً من حقيقةٍ وزنجبيل، كانَ مدىً من فجرٍ مُحنَّىً بمريميَّةِ الجليل، وكانَ صوتاً من سُلالةِ المُتنبّي ولوركا وبابلو نيرودا، وكانَ النَّقطةَ الواصلةَ حبلَ عكَّا ببحرِ طنجةَ، والنُّقطةَ الأخيرةَ في ميراثَ الزبرجدِ التَّائقِ إلى أصباحِ قُرطبة...!. ...، لمْ يَمتْ سميحُ القاسم، لمْ يمتْ وليدُ الشَّابيبِ المواطرِ فوقَ الأرضِ الحزينة، لمْ يَمتْ عندليبُ الزِّيبِ وعمقا والغابسيَّةِ وكُفر ياسيف، وإنَّما تَركَنا نستلهمُ معنى الحُضورِ في الغياب، ونقرأ فلسفةَ القيامةِ في الحُضور...!. ...، هكذا همُ رجالاتُ الأَطواد: حرفٌ وشمس، حُبٌّ وسيف، وقافيةٌ وتُرس، وانفتاحٌ من بنفسجٍ على ذاكرةِ الأرضِ والبحار...!. هُمُ كالحِنطةِ والغار، كالبلسمِ والنَّار، كالإستبرقِ والفِطنةِ في صحائفِ "ألف ليلةٍ وليلة"، وكالدَّردارِ في كتابِ كونفوشيوس، وكتلكَ الأُضمومةِ الورديَّةِ فوقَ صدرِ مَنْ أنسنتْ أنكيدو...!. ...، يرسمُونَ الرُّؤيا على هيئةِ الحبق، يزرعونَ الأَمداءَ بالتُّوليب، ويفرشونَ الدَّربَ إلى الأعالي برُحاقِ الأَشواقِ والعُنَّاب...!. هُمُ حاضرونَ فوقَ الغياب، وذائبونَ في المحاريبِ من أَجلِ الإياب، وساجدونَ في المعارجِ، كي تصحوَ روما من سكرتِها...!. ...، لمْ يمتْ سميحُ القاسم، كما لمْ يرحلْ محمود درويش، ...، وآتيان إلينا كُلَّ حين، معَ الأَفراسِ والآمال، معَ نبضِ التِّينِ والخُبَّيزة، مع فرفحينةِ كويكات وبربزينةِ الياجور، مع زعرورِ سعسع، ومع تينِ صفورية، مع ولعِ دورا بالقُرآن، ومع نَهمِ إجزمَ في الإقبالِ على الماورديِّ والقُرطبيِّ وصاحبِ "فتح القدير"...!. لم يَمتْ سميحُ القاسم، وباقٍ فينا إكليلَ وفاءٍ للشَّام، ضمَّةَ عشقٍ لأدبِ الأغيار، صورةً جميلةً لبوشكين ورسول حمزاتوف، وامتلاءً زينبيَّاً في المسافةِ الممتدَّةِ بينَ يثربَ وشيرازَ وبُخارى...!. لم يمتْ مَنْ هاتفتُهُ قبلَ تسع سنواتٍ وتسعينَ يوماً، وقالَ لي كلاماً من طُهرِ المُتوسِّطِ النَّائمِ في جِوارِ سورِ عكَّا العظيمة...!. لم يمتْ مَنِ انتصبتْ قامتُهُ فوقَ الاحتلالِ، ومشى كصورةِ الجُلَّنارِ حينَ يتنفَّسُ الصَّباح، لمْ يَمتْ مَنْ كانَ كالأَقاح، ورسخَ بيانُهُ كالعَلمِ رُغمَ الرِّيحِ والجِراح، وبنى لنا بالحرفِ ما يُشبهُ الصّرواح...!. ...، أبا وطن...!، النَّاكثونَ راحلونَ وأنتَ باق، السَّاقطونَ راحلونَ وأنتَ باق، المُهرولونَ إلى الأتياهِ راحلونَ، وأنتَ باقٍ وباق...!. أبا وطن...!. لمْ يزلْ حُضورُكَ فينا، كحُضورِ طاغورَ في الحِكمة، كحُضورِ بِلقيسَ في دمِ الرَّيحان، كحُضورِ زينوستان أصيلوف في ذاكرةِ المرجان، وكحُضورِ النَّهرِ الباردِ في (وجع الذَّاكرة)، ...، وكحُضورِ اليقينِ في قلبِ الأولياءِ المؤمنين...!. أبا وطن...!، ها أنتَ بيننا حرفٌ وشمس، حُبٌّ وتُرس، شوقٌ وهمس، ومدىً مُزنَّراً بأخضرِ الخليلِ واللِّدِ والقُدس...!. أبا وطن...!، ...؛ لنْ يَخْطَفَكَ الغياب...!. | |
|